Tuesday, January 26, 2016

مؤتمر تدكس جامعة الجزيرة الثاني بود مدني


في وسط التصفيق والصرخات، إختلطت كمية من المشاعر والأحاسيس ما بين الضحك والذهول والبكاء والحماس، كنت سابح في ذلك العالم أبحر بين الأفكار وإنجازات أشخاص عظماء من بلادي.

أشخاص تحدوا كل الصعاب والظروف، ولم يستسلموا للإمكانيات المحدودة وغيرها من الأعذار، بل كانت دافعاً لهم للتفكير الإبداعي، أشخاص من أنحاء بلادي المختلفة جمعتهم الأفكار وحب المغامرة والشغف، جمعهم البحث المستمر لتقديم كل ما هو جديد ومفيد، تنقلنا ما بين البحث العلمي والتكنولوجيا والشعر والطاقة والتنمية المستدامة وصناعة الأفلام والرياضة. بإختصار هذا هو مؤتمر تدكس، بكل ما يحويه من قوة، أنت داخل المؤتمر تكون شخص آخر بإحساس آخر يولد الإنتماء ويزيد حبك لوطنك ولغيرك، تكتشف خبايا عن نفسك ووطنك وغيرك.


في يوم 20 يناير 2016 كان مؤتمر تدكس جامعة الجزيرة الثاني بمدينة ود مدني. كان فخراً لطلاب الجامعة الذين جمعوا بين الشغف والعمل الطوعي والتميز الأكاديمي، فالعمل لم يمنعهم من متابعة الدراسة والتميز أيضا، بل أضاف لهم الكثير الذي مكنهم من التفوق، لهم كل التحية والاحترام والتقدير. من هنا هذه دعوة لكل شاب وشابة وموظف وموظفة (نعم) يمكننا أن نوازن ونشبع رغباتنا بالإشتراك في مبادرات مختلفة لتقديم خدمات مختلفة لمجتمعنا، كلٌ على حسب مقدراته.

التطوع لتنظيم مؤتمر تدكس تجربة فريدة من نوعها، كل يوم وكل لحظة عبارة عن صقل لمهارة جديدة، كل مشكلة عبارة عن فرصة للتعلم، كل شخص ترتبط به عبارة عن نمؤ لشبكتك الإجتماعية، وهذا أجمل ما فيه، فلا تدري متى وأين وكيف ستلتقي بهؤلاء الأشخاص مجدداً في المستقبل، يمكن أن تمتد العلاقة وتستمر، فلا ندري. الإرتباط إرتبط بحب الخير والشغف والأفكار وحب الإنجاز وهذا وحده يكفي.

المتحدثين:

مجموعة من المتحدثين والمتميزين السودانيين (نعم السودانيين). وكما قال المتحدث محمد عبد الكريم (سودانيين جداً)، كانوا مثالا للفخر بإنجازاتهم المحلية والإقليمية والعالمية، فهذه جولة سريعة حول تلك الأفكار.

بدأ المؤتمر بحديث البروف نبيل، حيث تحدث عن نبات النيم كمبيد محلي بسيط، خاطب المزارع بلغة بسيطة جداً عن كيفية إستعمال النيم كمبيد ومازادد عن حاجة المزارع يمكن إستخدامه كسمد للتربة لزيداة المادة العضوية بها. وبذلك يكون المزارع قد وفر أضعاف أسعار الأسمدة الكيميائية وقلل مناعة الآفات للمبيد، وأثر يمتد لأثمانين يوماً. كانت هذه هي نتائج بحث قامت به جامعة الجزيرة منذ الثمانينات.

بروف نبيل محدثنا عن أبحاث النيم  من اليمين ود. عبد الرحيم من قرية ود البلال

محدثنا التالي محمد عبد الكريم الملقب بـ (شرك)، بطل سوداني في رياضة (MMA) لسبعة مرات متتالية، والأول على أفريقيا والثاني على مستوى العالم بعد حصوله على الميدالية الفضية في التصفيات بإيطاليا للعام 2015. لقد حكى قصته بكل شغف وحكى معاناته وكيف تمكن من الوصول إلى هذه المرحلة رغم الإمكانيات المحدودة لأسرته وعدم وجود الخبرة والمدرب المتخصص في هذا المجال. تخلى عن فرصة العمر كحلم أي شاب وشاب، تخلى عن جواز وجنسية أجنبية بدولة أوربية مرموقة، تخلى عن فرصة ذهبية للتدريب وتحقيق كل أحلامه بكل سهولة، ولكنه إختار بلاد أجداده، إختار أصعب الطرق ولكنه أراد أن يرتبط إسم (السودان) بلقبه العالمي. كان شرف لي أن أعمل معه طيلة فترة التجهيزات وتعلمت منه الكثير.

محمد عبد الكريم (شرك) وجهاد

كانت وفات والد د. ست البنات، المحاضر بجامعة الجزيرة بمرض السرطان أثر كبير، حيث غيرت مجال بحثها العلمي وركزت في أبحاث مرض السرطان، للغوص عميقاً في هذه المرض المعضلة، تحدثت عن مسسببات المرض العامة (بما فيها النمط الغذائي وممارسة الرياضة وغيرها) ثم عن إكتشافها العظيم لـ (MH3) الذي أثبت فعالية عالية جداً مقارنة بالعقارات المستخدمة حالياً والمتداولة. بل قدمت ورقة علمية في مؤتمر السرطان العالمي بالولايات المتحدة الأمريكية التي نالت إعجاب جميع الباحثين وشركات الدوية العالمية، وكانت بمثابة أفضل ورقة علمية قدمت في ذلك المؤتمر.


أما أسرار وعدلان فهما كانا القلب النابض للحدث، فلا يمكن أن أوفيهما حقهما، لذلك سأفرد مقال خاص لهما. كانا رحلة نجاح محفزة للجميع، ولم يستسلما للمجتمع القاسي بل كان سبباً للتحدي للتحليق عالياً لتحقيق أحلامهم.

د. ست البنات مكتشف عقار السرطان مع د. عبد الحيم

د. عبد الرحيم من قرية ود البلال، كان مثالاً للتفاني والإلتزام إبتداءً من بداية التدريب والإلتزام بالزمن إنتهاءأً بالعرض الرائع لقرية ودالبلال، الذي كان مثالاً إبداعياً حياً للتنمية الريفية المستدامة، التي إذا تم تطبيقها على كل قرى ومدن السودان سيصبح السودان فعلاً سلة غذاء العالم وفي أعلى مرتبة. قرية ود البلال نموذجاً تخطى الحدود السودانية ليقف مشروعاً شامخاً لينافس  250 مشروعا من كل أنحاء العالم في مسابقة عالمية للمشاريع المستدامة بمدينة دبي ليكون الأول على مستوى العالم، وقامت بعض الدول تنهل من هذه التجربة الفريدة.

الطالب محمد مخترع جهاز التحفيز يتوسط  زملائه 

الكثير يشتكي من برنامج الدبلوم وكثير من الشركات لا توظف خريجي الدبلوم، ولكن الطالب محمد كسر هذا الحاجز وهذه القاعدة بصناعة جهاز تحفير للعضلات بتكلفة 15 دولار بدلاً من 400 دولار للجهاز المستورد. إستخدام مواد محلية من خردوات الراديو وجرب الجهاز لأول مرة على أستاذه الذي حصل له حادث كسر، كان يسافر من مدني إلى الخرطوم لتحفيز العضلات بعد العملية. وقد لاقى إختراعه الكثير من القبول من قبل الفنيين والمختصين في المجال.

د. عماد محدثنا عن أفكار لإستغلال الطاقة 

د. عماد تحدث عن الطاقة وما اأراك ما الطاقة، تحدث عن كمية من الأفكار لتحقيق التنمية بترشيد الطاقة وإستغلالها بطريقة أفضل، وكيف تمكنت جامعة الجزيرة من الإستفادة من أوراق الامتحانات لتوليد الطاقة. تحدث عن كمية من المبادرات التي قام بها مركز الطاقة بالجامعة لرفع مستوى وعي المجتمع وبالأخص الطلاب بدعوتهم للجامعة وتقديم ورش عمل لهم لربطهم بالمشاريع المختلفة.
سلا وجانب من الفريق المنظم

أما سلا فكانت فعلاً ختامه مسك، تحدثت بكل حماسة وشجاعة، كانت مثالاً للشخص المؤمن بقدراته، كانت مؤمنة بفكرة مشتحيلة في نظرنا وواقعية جدا في نظرها، غاصت في مجال التأثيرات البصرية المستخدمة في صناعة أفلام الرعب، إستخدمت علبة المكياج العادية وبدلاً من صناعة الجمال صنعت أشكال تستخدم في أفلام الرعب والخدع السينمائية، إستفادت من الإنترنت لتطوير مهاراتها والتدريب بصورة أفضل، تحلم بالعودة إلى الوطن تحمل أوسكار أفضل مؤثرات بصرية في هوليوود، وكلنا أمل وثقة، وكان حضور والدها دعماً واضحاً وهو سبب هذا النجاح، نحن في إنتظارك يا سلا.

الشاعر حسام فنديل

وقد أتحفنا الشاعر حسام قنديل بتقديم عرض إبداعي شد إنتباه كل من يتذوق الشعر ومن لا يعرف شيئا عن الشعر. تحدث عن نشأة (ريحة البن)، من ماما سلينا إلى قناة النيل الأزرق وحتى مشاركة الشاعر فاروق جويدة في الموسم الأخير 2015. ألقى كمية من الأشعار بطريقة سلسلة جذابة، تحدث عن والده وتحدث عن قضية مجتمعية تشكل هاجس للمجتمع والكثير الكثير.

الخاتمة:

حضور معنمد محلية  ود مدني

هذه تجربتي الثانية في مؤتمر تدكس جامعة الجزيرة، أتوقع مزيدا من التقدم والنجاح لهؤلا الشباب، كان ذلك بفضل فريق متجانس متفاني، وقيادة رائعة من  د. انمار المنظم والمرخص للمؤتمر. كان دعم الولاية أثر كبير في نجاح المؤتمر، فقد كان لحضور معتمد محلية ود أحمد أبوزيد وبروف السنوسي مدير الجامعة أثر كبير في نفوس الشباب وكذلك المدير العام لوزارة الشباب والرياضة حيدر الصادق كان ذلك بمثابة الطاقة التي تدفعنا لمزيد من البذل والعطاء، فالشباب بحاجة إلى دعم من قياداتنا الراشدة لتمسك بيده إلى بر الأمان.

مفاجأة بحضور د. انور دفع الله المنظم لتدكس الخرطوم ومحمد حمزة المنظم القادم

ما فقدته حقاً في المؤتمر الدعم الأسري للفريق العامل، كنت أتوقع حضور من الآباء والأمهات ليفخروا بأبنائهم وهم يقومون بهذا الإنجاز الرائع، أتمنى أن يكون إبني جزء من هذا العمل في المستقبل إن شاء الله، فالمشاركة في تنظيم هذه النشاطات يصقل مهارات الطلاب ويجزهم للعمل المهني مستقبلاً.

(كسرة) وأهم حاجة أبو النسب يحضر معاك المؤتمر.

أبو النسب

رسالتي الأخيرة للفريق العامل، كلي فخر وإعجاب بما انجزتموه، مشاركتي معكم علمتني الكثير، فقد كان التعلم في إتجاهين متعادليين،كنتم مثالا راقيا رائعا للإبداع والتفاني والإنجاز، فلم تخيبوا ظن أسركم، كنتم مثالا للتقدم والنجاح الأكاديمي، ولم تخذلوا طموحاتكم، فكنتم مثالا للتنظيم والإخراج الرائع. نحن نتوقع المزيد والأفضل ووفقكم الله.

انمار المنظم للمؤتمر وجزء من الفريق العامل





No comments:

Post a Comment